Search
Close this search box.

الملا عثمان الموصلي.. عملاق المقام العراقي

الملا عثمان الموصلي

الملا عثمان الموصلي

في أحد البيوت الفقيرة في مدينة الموصل شمال العراق ولد عثمان بن الحاج عبدالله بن عمر الموصلي عام 1854م.

كان والده يعمل في مهنة السقاء ووالدته تعمل في خدمة بيت العمري إحدى أعرق العوائل الموصلية.

في سن السابعة توفي والده وماهي إلا أيام حتى أصيب عثمان بمرض الجدري الذي أدى لفقدانه للبصر طيلة حياته.

قام محمود أفندي العمري بتكفله ورعايته وضمه إلى أولاده وعين له قارئا حفظه كتاب الله، حيث أعجب محمود أفندي بصوت عثمان فخصص له معلما يعلمه الموسيقى والألحان، فنبغ فيها وحفظ الأشعار والقصائد.

التزم عثمان علماء عصره، ودرس على أيديهم علوم اللغة والشرع، كالشيخ عمر الأربيلي، والشيخ صالح الخطيب، والشيخ عبدالله فيضي وغيرهم. 

أتقن اللغة الفارسية والتركية إضافة للغته الأصلية وما ان وصل عثمان عقده الثالث حتى توفي مربيه محمود أفندي فغادر الموصل متوجها الى بغداد، هناك نزل عند أحمد عزت باشا العمري ابن محمود، وكان في حينها محررا لجريدة الزوراء، وقوبل الملا بالحفاوة والتكريم.

اشتهر بين أهل بغداد بصوته العذب في قراءة أشعار المولد النبوي، وفيها درس عثمان صحيح البخاري عند عدد من المشايخ.

بعد ثلاث سنوات قضاها في بغداد عاد إلى الموصل وأكمل دراسته على يد شيخه محمد بن جرجيس وأخذ عنه الطريقة القادرية إحدى الطرق الصوفية الشهيرة في المدينة.

كما حاز في تلك الفترة على إجازة في القراءات السبع على الطريقة الشاطبية من الشيخ المقرئ محمد بن حسن.

بزوغ نجم الموصلي

لقب الملا الذي كان يشتهر به الموصلي كان يطلق في دول عدة، كالعراق والكويت وإيران والهند وباكستان وغيرها، على ذاك الرجل الذي يعلم الأطفال قراءة القرآن في الكتاتيب.

لكن في تركيا أطلق الأتراك على عثمان لقب “حافظ عثمان أفندي الموصلي” واحيانا “الحافظ” اختصارا، اذ زار عثمان اسطنبول أكثر من مرة ودرس اناس كثر، وأهم من قابلهم كان الشيخ “محمد أبو الهدى الصيادي”، وأخذ منه الطريقة الرفاعية.

قدمه الصيادي الى السلطان عبدالحميد ونال لفخامة صوته وحسن تلاوته حظوة عند السلطان، فقربه منه وسمح له بدخول قصوره متى شاء، وعينه شيخ قراء جامع أيا صوفيا، كما أوفده السلطان في بعض المهام الرسمية.

أستمر الموصلي في مهامه تلك حتى تنازل السلطان عبد الحميد عن العرش، فعاد الى العراق واستقر في العاصمة بغداد.

الملا عثمان الموصلي قيثارة النغم العربي

كان عثمان الموصلي ينبوعاً للألحان وقيثارة للنغم وعلماً للفن الموسيقي في بلاد الشرق خلال فترة تمتد من الربع الأخير للقرن التاسع عشر حتى أوائل القرن العشرين وله فضل في تطوير الموسيقى العربية وتجديدها.

نشأ هذا الملا عثمان محباً للموسيقى منذ نعومة أظفاره، وقد أعجب مربيه محمود افندي العمري بصوته يوم كان طفلاً يقيم في داره مع أطفاله وهو كفيف البصر إذ يأخذ بالإنشاد بصوت مرتفع يبعث على النشوة والإعجاب مما جعل مربيه العمري يعهد به الى أساتذة يعلمونه أصول الألحان، حيث درس الموسيقى على يد شلتاغ المشهور بغناء المقامات وعلى يد عبد الله الكركوكلي وغيرهما من أساتذة الفن.

مزج الملا عثمان بين الموسيقى العربية والتركية، حيث قام بإدخال المقامات العراقية بالغناء التركي فكان يقرأ مقام البياتي والعشاق التركي على أسلوب مقام المنصوري الموصلي. 

ونقل الملا عثمان إلى المقامات العراقية عن الموسيقى التركية مقام الديوان، ونقل عن موسيقى الجيش التركي نغمة تسمى (سيد هواسي) من مقام الرست ونظم عليها التنزيلة المشهورة (يا آل طه فيكم قد هام المضنى يرجوكم).

موشحات الملا عثمان الموصلي

كان للمرحوم عثمان الموصلي الكثير من الموشحات والأغاني ومن أشهرها:

  • فوق النخل
  • لغة العرب اذكرينا، غناها يوسف عمر.
  • يا أم العيون السود، التي غناها ناظم الغزالي.
  • آه يا حلو يا مسليني.

مؤلفات الملا عثمان الموصلي

في عام 1895، كان عثمان ناشرًا معروفًا للكتب، حيث قدم العديد من الأعمال البارزة أشهرها:

  • الابكار الحسان في مدح سيد الأكوان (1895).
  • تخميس لامية البوصيري (1895).
  • المراثى الموصلية في العلماء المصرية (1897).
  • مجموعة سعادة الدارين (1898).
  • الأجوبة العراقية لأبي الثناء الالوسي (1890).
  • الترياق الفاروقي وهو ديوان عبد الباقي العمري (1898) 

قدم أيضًا كتبًا لغيره، مثل “حل الرموز وكشف الكنوز”. وقام بتأسيس مجلة في مصر تحمل اسم “مجلة المعارف”، وأسس دكانًا في إسطنبول لبيع الكتب.

مهارات الملا عثمان الموصلي

رغم فقدان الحافظ عثمان لبصره لكنه تمتع بمهارات عديدة فهو لاعب ماهر في الشطرنج وله معرفة ممتازة بعلوم الفلك وإذا سمع صوت شخص عرف أوصافه من طوله وقصره وعمره ولون بشرته ومن يتحدث معه فلن ينساه ابدا ولو بعد سنين.

لم يؤرخ لحياته كما يستحق

الموصلي رغم ما تركه من اثر كبير سواء على الصعيد الفني من الحان وأشعار او على الصعيد السياسي من مقاومته للاحتلال الانجليزي للعراق عبر خطبه الثورية لكن لم يؤرخ لحياته كما يستحق ان يحتفى به  كأحد قادة الفكر والتحرير بل على العكس من ذلك فكثير من الناس تجهله.

لعل هناك أكثر من سبب وراء ذلك منها ان الأنظمة التي حكمت البلدان العربية بعد فترة الاحتلال الإنجليزي كان ولائها للتاج البريطاني ومن بعدها ورث الحكم منها قادة وحكومات ذات ميول شيوعية او قومية وفلسفتها قائمة على عدم الوفاق مع كل ما هو إسلامي.

وفاة الملا عثمان الموصلي

توفي الملا عثمان الموصلي في 30 يناير 1923 في مدينة بغداد، حيث ترك وراءه إرثًا عظيمًا لا ينسى.

اقران ايضا: فن التغني بالقرآن الكريم .. جمال الروح والهدوء النفسي 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest