القارئ
الحافظ مهدي العزاويالحافظ مهدي العزاوي، هو أحد أبرز أعلام القراء في تلاوة القرآن الكريم في العراق.
ولد الحافظ مهدي بن فزع بن عبد الله العزاوي في عام 1894 ميلادي – 1312 هجري في مدينة شهربان، التي تقع في قضاء المقدادية حاليًا، وهي إحدى أقضية محافظة ديالى في العراق.
عائلته هاجرت من شهربان إلى بغداد وهو لا يزال طفلا صغيراً، حيث استقروا في حي الفضل ثم انتقلوا إلى الأعظمية، وفي سنوات صغيرة من حياته، أصبح مهدي فقير البصر، لكنه تعوض بموهبة استثنائية في السمع وأذن موسيقية حساسة، حيث كان صوته رخيمًا يتسم بالعذوبة والحلاوة، وكان يمتلك حافظة قوية وذكاءً مميزًا.
سافر الحافظ مهدي وتعلم من مجموعة من شيوخ التلاوات والقراء، ومن بين هؤلاء الشيوخ كان الملا أحمد المعظماوي (الاعظمي) الذي أخذ منه أسس التلاوة واستفاد من إمكانياته في النغمات المعقدة التي كان يشتهر بها، كما درس التلاوة أيضًا مع الملا جاسم البغدادي الضرير الذي كان مقيمًا في منطقة الكرخ.
وعمل الحافظ مهدي بجدية على اتقان فنون القراءات وأصول التجويد مع الملا علي الفضلي الخطاط الفقيه، ثم انتقل إلى الشيخ عبد المحسن الطائي، واستمر في تلاوته على يديه، ومن ثم، قرأ على الحافظ عثمان الموصلي وهو لا يزال صغيرًا في العام 1904 م، حيث حفظ المناقب النبوية واستفاد منه في الألحان والتنزيلات النغمية أثناء تلاوة المنقبة النبوية.
تنوع إبداع الحافظ مهدي بين المقامات العراقية والمناقب النبوية وتلاوات القرآن الكريم، واستمر في هذا العطاء لفترة طويلة، وكان يُعتبر حقًا موسوعة حية تملك معرفة واسعة بأنغام المقامات العراقية وكيفية أدائها، بالإضافة إلى ابتكاراته في مجال التجويد والتلاوة المعطرة.
لكن في وقت لاحق من حياته، قرر الحافظ مهدي التخلي عن الغناء والمقامات، والانصراف بشكل كامل إلى التفرغ للمناقب النبوية وتلاوة القرآن الكريم، وبفضل خبرته العميقة، تولى رئاسة الأذكار والموالد النبوية وقام بتلاوة القرآن الكريم بأسلوبه الخاص الذي اشتهر به.
بهذا القرار، أصبح الحافظ مهدي معتليًا على منبر التلاوة الدينية، حيث ترك بصمته الخاصة في ميدان التجويد والتلاوة القرآنية وأصبح مرجعًا للمعرفة والأداء النبوي والقرآني.
اختتم الحافظ مهدي مسيرته الحياتية الرائعة بزيارة إلى مكة المكرمة في عام 1958 لأداء فريضة الحج، ومن ثم انتقل إلى جوار ربه في عام 1959 عن عمر ناهز 65 عامًا.
تم تشييع جنازته بموكب كبير من منزله الواقع في شارع الضباط بمنطقة الأعظمية، وأُقيمت صلاة الجنازة في جامع الإمام الأعظم، وتم دفنه في مقبرة الخيزران بمنطقة الأعظمية ببغداد، بجوار قبر الحاج نعمان الأعظمي.